تمثل أمراض العظام تحديًا صعبًا في ممارسة الأنشطة اليومية؛ إذ تعيق الشخص عن أداء أبسط الحركات مثل الانحناء أو الجلوس في وضعيات معينة أو حتى النوم.
وفي أحيان كثيرة قد لا تكفي جلسات العلاج الطبيعي وحدها في علاج المشكلة، لذلك يفكر البعض في الحلول الجراحية مثل عملية تثبيت الفقرات، فما هي عمليات تثبيت الفقرات ومتى تُجرى؟ وهل هناك مخاطر لها؟
متى تحتاج لإجراء عملية تثبيت الفقرات؟
تُجرى عمليات تثبيت الفقرات لمجموعة واسعة من أمراض العظام التي قد يُصاب بها الشخص نتيجة لتعرضه لحادث سيارة أو إصابة رياضية، أو حتى نتيجة لبعض العادات اليومية الخاطئة مثل الجلوس بوضعيات خاطئة لفترات طويلة.
ومن أمثلة هذه الأمراض:
- انزلاق الفقرات.
- حالات الانزلاق الغضروفي، مثل الانزلاق الغضروفي العنقي.
- أورام العمود الفقري.
- كسور العمود الفقري.
- إعوجاج العمود الفقري.
- ضيق القناة الشوكية.
عمليات تثبيت الفقرات
تُجرى عملية تثبيت الفقرات من خلال الخطوات التالية:
- تخدير المريض تخديرًا كليًا.
- فتح الجراح شق صغير مكان الإصابة.
- يُدخل الجراح المنظار مع الشرائح والمسامير لزرعها في الفقرات المصابة.
- يُخرج الجراح المنظار بعد تثبيت الفقرات ويغلق الجرح جيدًا باستخدام ضمادات تجنبًا للتلوث والعدوى.
ويمكن إجراء هذه العملية في أجزاء متعددة من العمود الفقري، لذلك سنتحدث هنا عن أكثر الأنواع شيوعًا.
تثبيت بعض الفقرات القطنية
تعد القطنية من أكثر المناطق المُعرضة للإصابات؛ نظرًا لأنها تتحمل معظم وزن الجسم، وغالبًا ما تتمثل مشكلات القطنية في الانزلاق الغضروفي أو تآكل الأقراص الفقرية؛ ما يؤدي إلى الشعور بألم شديد أسفل الظهر قد تمتد إلى الساقين.
ولذلك فبعد إزالة القرص الفقري المتضرر، أو بعد معالجة المنطقة المصابة، يثبت الطبيب الفقرات القطنية باستخدام ألواح أو مسامير معدنية؛ إذ يساعد هذا الإجراء في تخفيف الألم الناتج عن الحركة غير المستقرة للفقرات كما يتيح لها الاندماج بصورة طبيعية.
الفقرات الصدرية
تضم منطقة الصدر اثنتي عشر فقرة، ومع ذلك فهي أقل عرضة للإصابة مقارنة بالفقرات القطنية، في الغالب ما تتضرر هذه الفقرات نتيجة للإصابات المباشرة، أو في حالات الكسور المرتبطة بهشاشة العظام، وأيضًا عند وجود تشوهات مثل الجنف (انحناء العمود الفقري).
تهدف عملية تثبيت الفقرات الصدرية إلى تخفيف الألم وتحسين قدرة المريض على الحركة بصورة طبيعية، خصوصًا في حالة وجود انحناء، وذلك عن طريق دمج الفقرات المتضررة معًا باستخدام مسامير أو قضبان معدنية لتستقر الفقرات وتتوقف عن الاحتكاك مع بعضها البعض.
الفقرات العنقية
يشمل العمود الفقري العنقي جميع الفقرات التي تمتد من قاعدة الجمجمة حتى الجزء العلوي من الظهر، وتؤدي المشكلات المتعلقة بهذه الفقرات إلى آلام شديدة في الرقبة، وتشنجات عضلية، وأحيانًا مشكلات في الحركة والإحساس في اليدين والذراعين.
وقد تعاني فقرات العنق مشكلات تشبه مشكلات الفقرات القطنية مثل الانزلاق الغضروفي، وفي هذه الحالة إذا لم تفلح جلسات العلاج الطبيعي والأدوية فسيضطر المريض إلى اللجوء لواحدة من طرق علاج الانزلاق الغضروفي العنقي الأخرى.
تعليمات ما بعد تثبيت الفقرات
نظرًا إلى طول مدة الشفاء من عملية تثبيت الفقرات ينبغي على المريض الالتزام بمجموعة من التعليمات والإرشادات طوال مدة التعافي؛ تجنبًا لأي مضاعفات محتملة، تتمثل هذه النصائح عادةً في:
- تجنب الأنشطة البدنية الشاقة، خصوصًا في الأسابيع الأولى بعد الجراحة.
- الالتزام بجلسات العلاج الطبيعي بهدف تحسين الحركة وتقوية العضلات المحيطة بالعمود الفقري.
- اتباع نظام غذائي غني بالبروتين والفيتامينات، خصوصًا فيتامين (د)؛ للمساعدة في تحسين صحة العظام.
- تجنب رفع الأوزان الثقيلة، والوقوف لمدة طويلة.
- تجنب الجلوس لمدة أكثر من 30 دقيقة على نفس الوضعية.
وقد يوصي الطبيب في بعض الحالات بارتداء حزام دعم للظهر لتوفير استقرار أكبر للفقرات.
مخاطر عملية تثبيت الفقرات
يرتبط أي إجراء جراحي أو تقنية علاجية بمجموعة من المخاطر المحتملة، ولا تستثنى عملية تثبيت الفقرات من ذلك، ومن ضمن المخاطر المرتبطة بهذه العملية:
- عودة الشعور بالألم مرة أخرى.
- التهاب واحمرار الجرح.
- الإصابة بالعدوى.
- فشل الأدوات المستخدمة في التثبيت.
- عدم التحام الفقرات بصورة صحيحة.
وفي بعض الحالات الأقل شيوعًا قد يعاني المريض:
- تلف الأعصاب المجاورة للفقرات المصابة.
- التجلطات الدموية.
- النزيف.
- انفتاق القرص الغضروفي.
نسبة نجاح عمليات تثبيت الفقرات
تمتلك عظام الإنسان وعضلاته قدرة مذهلة على الالتئام والاستشفاء التلقائي، وقد استطاع الطب الحديث استغلال هذه الميزة ببراعة عن طريق ابتكار تقنيات طبية غاية في الفعّالية، مما ساهم في زيادة نسب نجاح علاج المشكلات المتعلقة بالعظام.
تصل نسبة نجاح عمليات تثبيت الفقرات إلى 90%، وهي تتفاوت بناءًا على المنطقة المُصابة، ومدى كفاءة الطبيب، وجودة الأجهزة المستخدمة، وصحة المريض العامة ومدى التزامه بتعليمات ما بعد العملية.
سعر عملية تثبيت الفقرات
تعد عملية تثبيت الفقرات من العمليات ذات التكلفة المرتفعة نسبيًا؛ وذلك بسبب التكلفة الباهظة للشرائح والمسامير المستخدمة في التثبيت.
ولا ينصح باللجوء إلى المراكز غير المعروفة التي تُروج للعملية بأسعار رخيصة للغاية؛ إذ يدل ذلك على سوء جودة المواد المستخدمة في التثبيت، مما يساهم في ارتفاع نسبة الإصابة بالمضاعفات.
في النهاية..
تساهم عمليات تثبيت الفقرات بصورة كبيرة في علاج مشكلات الفقرات وتخفيف الألم الذي يعانيه المريض، إلا أن العملية وحدها ليست كافية للتعافي التام، فمن الضروري أن يحرص المريض على اختيار طبيب ومركز طبي مضمونين؛ تجنبًا لأي مخاطر بعد العملية، كما يجب أن يلتزم بتعليمات الطبيب بعد الجراحة دون إهمال.